وَبِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §«لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ أَبَدًا، وَلَوْ يَعْلَمِ الْكَافِرُ مَا عِنَدَ الْلَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَبَدًا» . أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. وَأَخْرَجَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الرَّحْمَةَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْعَمَلِ إِذَا رُدَّتْ إِلَى النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَأَعَدَّهَا لَهُمْ، فَأَمَّا إِذَا رُدَّتْ إِلَى إِرَادَةِ الْإِنْعَامِ فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: إِرَادَةُ الْبَارِي إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْإِنْعَامِ فَهِيَ -[457]- رَحْمَةٌ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْحَمُ فِي الشَّاهِدِ مَنْ لَا يُنْعِمُ "