20 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , نا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدٍ الْبَزَّارُ الْحَافِظُ , حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ , ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ , ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §إِذَا تَضَوَّرَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ -[49]- وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ , فِي مَعْنَى الْوَاحِدِ: إِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا قَدِيمَ سِوَاهُ وَلَا إِلَهَ سِوَاهُ , فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَدَدِ وَتَبْطُلُ بِهِ وَحْدَانِيَّتُهُ وَالْآخَرُ: أَنَّهُ وَاحِدٌ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ ذَاتٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّكَثُّرِ بِغَيْرِهِ , وَالْإِشَارَةُ فِيهِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ , لِأَنَّ الْجَوْهَرَ قَدْ يَتَكَثَّرُ بِالِانْضِمَامِ إِلَى جَوْهَرٍ مِثْلِهِ , فَيَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا جِسْمٌ , وَقَدْ يَتَكَثَّرُ بِالْعَرَضِ الَّذِي يُحِلُّهُ , وَالْعَرَضُ لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِغَيْرٍ يُحِلُّهُ وَالْقَدِيمُ فَرْدٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَاجَةٌ إِلَى غَيْرِهِ , وَلَا يَتَكَثَّرُ بِغَيْرِهِ , وَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ لَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَلَرَجَعَ الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ , لِأَنَّ قِيَامَ الْجَوْهَرِ بِفَاعِلِهِ وَمُبْقِيهِ , وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِجَوْهَرِ يُحِلُّهُ , وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى الْوَاحِدِ هُوَ الْقَدِيمُ فَإِذَا قُلْنَا الْوَاحِدُ فَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ هُوَ الْقَدِيمُ لِأَنَّ الْقَدِيمَ مُتَّصِفٌ فِي الْأَصْلِ بِالْإِطْلَاقِ السَّابِقَ لِلْمَوْجُودَاتِ , وَمَهْمَا كَانَ قَدِيمًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ سَابِقٍ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ إِنْ سَبَقَ غَيْرَ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ بِسَابِقٍ صَاحِبَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ كوُجُودِهِ فَيَكُونُ -[50]- إِذًا قَدِيمًا مِنْ وَجْهٍ , غَيْرَ قَدِيمٍ مِنْ وَجْهٍ , وَيَكُونُ الْقَدِيمُ وَصْفًا لَهُمَا مَعًا , وَلَا يَكُونُ وَصْفًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , فَثَبَتَ أَنَّ الْقَدِيمَ بِالْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا , فَالْوَاحِدُ إِذًا هُوَ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا وَاحِدًا وَمِنْهَا الْوِتْرُ: لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمٌ سِوَاهُ لَا إِلَهٌ وَلَا غَيْرُ إِلَهٍ لَمْ يَنْبَغِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ فَيُعْبَدَ مَعَهُ , فَيَكُونَ الْمَعْبُودُ مَعَهُ شَفْعًا , لَكِنَّهُ وَاحِدٌ وِتْرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ "