هل كان ابليس من الملائكة؟
قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ )
حقيقة إبليس وأصله
إبليس لعنه الله ليس من الملائكة والدليل أنه من الجن:
- صريح قول الله تعالى (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ)
- أن الملائكة خلقت من نور وإبليس خلق من نار (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) ، وقال سبحانه وتعالى ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم ) وقال عليه الصلاة والسلام( خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم
- عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس ، كما قال تعالى عنهم :
( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ) التحريم/6 ، وقال تعالى :
( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) الأنبياء/27 .
والحقيقة أن إبليس كان جنياً صالحاً يعبد الله مع الملائكة، لكن لما أُمر بالسجود لآدم عصى واستعلى واستكبر وقال:
أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً 
[الإسراء:61] قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمة الله تعالى عليه - :
وقوله في هذه الآية الكريمة : ( كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) الكهف/50 ، ظاهر في أن سبب فسقه عن أمر ربه كونه من الجن وقد تقرر في الأصول في مسلك النص ، وفي مسلك الإيماء والتنبيه : أن الفاء من الحروف الدالة على التعليل كقولهم : سرق فقطت يده ، أي : لأجل سرقته ، وسها فسجد ، أي لأجل سهوه ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة/38أي لعلة سرقتهما وكذلك قوله هنا : ( كان من الجن ففسق ) ، أي : لعلة كينونته من الجن ؛ لأن هذا الوصف فرق بينه وبين الملائكة ؛ لأنهم امتثلوا الأمر وعصى هو ، ولأجل ظاهر هذه الآية الكريمة
قال الحسن البصري: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن؛ كما أن آدم عليه السلام أصل البشر، رواه ابن جرير بإسناد صحيح عنه.
أما القول أن الملائكة جن لقوله تعالى (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا )
فهذا لا يعني أنهم جنس الجن ، ولكن فقط لغوياً
فأي شيء استتر وغاب فهو جِن
نقول ( جنّ الليلُ) إذا غطى الليل بظلامه المكان
وسميت الجنة بذلك لكثرة أشجارها التي تغطي المكان
إذاً هناك فارق بين جن بالمعنى اللغوي والجن بمعنى جنس الجان
فالشيطان من جنس الجن المخلوق من النار ، والملائكة مخلوقة من نور
لماذا استثنى إبليس من الملائكة ، قال تعالى : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ ؟؟
- لأن ذلك جاء على صيغة تغليب الأكثر وتوجيه الخطاب إليه، فإبليس فردٌ والملائكة جمعٌ كثيرٌ، فذُكروا بالأمر بالسجود دونه من باب التغليب ، وسر وجود إبليس مع الملائكة ، قال ابن كثير :أن ابليس كان قد توسم بأفعال الملائكة وتشبه بهم وتعبد وتنسّك، فلهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة بسبب أصله
- الاستثناء في الآية استثناء منقطع :
هو أن لايكون المستنى من جنس المستثنى منه كأن تقول:
(حضر الضيوف إلا كلابهم) فهذا ما يسمى الاستثناء المنقطع
والاستثناء في قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) إنما يعد من هذا الباب
