وليس من خلق المتثبت التسرع والعجلة، وإن - صلى الله عليه وسلم -، حين أرسل خالدًا - رضي الله عنه - للتحقق من عداوة بني المصطلق (أمره أن يتثبت ولا يعجل) (¬2) ولما أرسله إلى بني جذيمة، للتحقق من إسلامهم، فتعجل في القتل، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» (¬3)، بل إن مما ذكر القاضي شهاب الدين الشافعي في كتابه (آداب القضاء): (وعليه - إن لم يتضح له الحق - تأخير الحكم إلى أن يتضح ..) (¬4).
قال الشوكاني في تفسيره لآية التبين: (ومن التثبت: الأناة، وعدم العجلة، والتبصر في الأمر الواقع، والخبر الوارد، حتى يتضح ويظهر ...) (¬5).
وإن سؤال العلماء ومشورتهم يسدِّد المتثبت، وقد نقل ابن حجر عن الشعبي - بسند جيد - قوله: (مَن سرَّه أن يأخذ بالوثيقة من القضاء، فليأخذ بقضاء عمر فإنه كان يستشير) (¬6) ولا تخافوا من المشورة فإنها تقربكم إلى الحق.
¬_________
(¬1) عن فتح الباري 13/ 144 - كتاب الأحكام - باب 15.
(¬2) عن تفسير القرطبي 16/ 205 عند تفسير الآية 6 من سورة الحجرات.
(¬3) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب 35 - الحديث 7189.
(¬4) آداب القضاء - ص 110.
(¬5) فتح القدير 5/ 60 عند تفسير الآية 6 من سورة الحجرات.
(¬6) فتح الباري 13/ 149 - من شرح باب 16 من كتاب الأحكام.