ويعين على خلق المطاوعة: التزام حدود الشرع، وطاعة الأمير، وهذا ما وجه إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «.. ومَن يعِشْ منكم فسيري اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوًا عليها بالنواجذ ..» (¬2)، وكثيرًا ما يكون أمر أميرك - في عمل أو سفر - مخالفًا لما تميل إليه، فإن ذهب كل امرئ حسب هواه، فسنرى اختلافًا كثيرًا، وإن تطاوع كل امرئ مع أميره، وتنازل لرأيه، فتلك هي السنة.
ولابد أن يتنادى المخلصون للقضاء على أي فتنة عند بوادر أي اختلاف، وهذا ما كان من حذيفة حين أخبر عثمان باختلاف الناس في قراءة القرآن، فقال له:) أدرِكْ هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى .. ((¬3).
ولعل ما يحبب في المطاوعة، وينفر من الخصومة، استحضار ما ورد في الترهيب من اللجاجة والمراء والتنازع، فقد جاء في صفات المنافق أحاديث كثيرة منها: «.. وإذا خاصم فجر» (¬4)، و «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» (¬5)، وقد تعهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيت في
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب 31 - الحديث 6830 (الفتح 21/ 144).
(¬2) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - مقدمة - باب 6 - الحديث 40/ 42 (صحيح).
(¬3) صحيح البخاري - فضائل القرآن - باب 3 - الحديث 4987.
(¬4) صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب 24 - الحديث 34 (الفتح 1/ 89).
(¬5) صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب 3 - الحديث 7188 (الفتح 13/ 180).