وقد روي عن علي - رضي الله عنه - في وصف الربانيين قوله: (هم الذين يغذُّون الناس بالحكمة ويربونهم عليها) (¬2)، كما قيل إنه مشتق من قولهم: ربه يربه فهو ربان إذا دبره وأصلحه. (فمعناه على هذا: يدبرون أمور الناس ويصلحونها) (¬3)، وفي تفسير ابن مسعود لقوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} قال: حكماء علماء. ويقول ابن جبير: حكماء أتقياء.
ومن اللفتات الطريفة في وصف الرباني أنه الذي يجمع إلى العلم البصر بالسياسة (¬4)، وهي إشارة طريفة تنفي التصور المتفشي عن العالم الرباني بأنه بعيد عن عصره، مغفل في قضايا الحكم والسياسة. وقد أكد هذه الميزة في الرباني أبو عبيدة بقوله: (سمعت عالمًا يقول: الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، العارف بأنباء الأمة وما كان وما يكون) (¬5).
فهو مدرك لتاريخ الأمة، مبصر لسنن الله في خلقه بصرًا يتيح له أن يتوقع ما يكون حين تتوفر أسباب مضاء السنة الكلونية والاجتماعية.
ويتميز (الرباني) بأنه الكامل في العلم والعمل، الشديد
¬_________
(¬1) فتح الباري 1/ 161 عند شرح الباب 10 من كتاب العلم.
(¬2) زاد المسير في علم التفسير 1/ 413 عند تفسير الآية 79 من سورة آل عمران.
(¬3) تفسير القرطبي 4/ 122 عند تفسير الآية 79 من سورة آل عمران.
(¬4) عن تفسير القرطبي 4/ 122.
(¬5) المصدر السابق.