وإنما يحتاج المؤمن لشجاعة التراجع عن الرأي المفرِّق، والتزام الرأي الجامع، وقد ذكر ابن حجر أن عليًّا وعمر - رضي الله عنه - كانا يُفتِيان بألا تُباع أم الولد، فقال عبيدة لعلي - رضي الله عنه -:) رأيك ورأي عمر في الجماعة، أحب إليَّ من رأيك وحدك في الفرقة ((¬2)، فتراجع علي عن فتواه، وقال:) اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف ((¬3)، ونبذ الخلاف مقدم على الإصرار على تثبيت رأي أو وجهة نظر اجتهادية، وأما الحق المقطوع فيه، فيقدر الداعية الحكيم على إيصاله بحكمته، بعيدًا عن المشاجرة والخصومات.
ولو أننا نتذكر حال المؤمنين في الجنة، لسعينا لأن نجعل رحلتنا في الدنيا صورة عن حياة أهل الجنة، الذين وصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا اختلاف بينهم ولا تباغض، وقلوبهم قلب واحد» (¬4)، ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحذِّر من الوقوع في دواعي الاختلاف؛
¬_________
(¬1) صحيح البخاري كتاب الاجتهاد - باب 164 الحديث 3038 (الفتح 6/ 126).
(¬2) فتح الباري 7/ 73.
(¬3) صحيح البخاري - كتاب فضائل الصحابة - باب 9 - الحديث 3707 (الفتح 7/ 71)
(¬4) صحيح البخاري - كتاب بدء الخلق - باب 8 - الحديث 3245 (الفتح 6/ 318).