والخطورة في أن تكون هذه النِّعم الأجر العاجل ليُحرَم صاحبها الأجر الآجل حيث يكون في أشد الحاجة لما يرجح كف حسناته؛ ولذلك طيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاطر أصحابه حين ذكروا نعيم الروم والفرس، فقال: «أولئك قوم عُجِّلت لهم طيِّباتُهم في الحياة الدنيا» (¬2).
وغالب حال الناس كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا في الآخرة» (¬3)، وذلك لقلة الشاكرين، وكما قال ربنا عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18].
وكل نعمة مهما صغرت، عليها حساب ومسؤولية، فالمسكين مَن لم يقم بحقها لا من حرم منها في الدنيا: «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصحَّ لك جسمك ونُروِيَك من الماء البارد؟» (¬4).
ولذلك كان من علامة طريق الجنة أنه محفوفٌ بالبلاء، ولا يهون
¬_________
(¬1) صحيح الجامع برقم 561 (صحيح).
(¬2) صحيح البخاري - كتاب المظالم - باب 25 - الحديث 2468 (الفتح 5/ 116)
(¬3) صحيح الجامع برقم 1199 (حسن)
(¬4) صحيح الجامع برقم 2022 (صحيح).