وكل مسلم ظاهره الصلاح صادق ولا نقول له إلا خيرًا، وإلا فإن الاتهام بغير تثبت سبب في كثير من المظالم، ولذلك كتب عمر بن عبدالعزيز إلى أحد أمرائه - عَدِي بن أرطأة أمير البصرة - في قتيل وُجد عند بيت ولم يُعرف قاتله: (إن وجد أصحابه بينة، وإلا فلا تظلم الناس، فإن هذا لا يقضى فيه إلى يوم القيامة) (¬2) بل جاء في الحديث المتفق عليه: «لو يعطى الناس بدعواهم، لذهب دماءُ قوم وأموالهم» (¬3).
وإن الواحد من الصحابة على عدالته كان يُطالبَ - في الخصومات - بإحضار شهود أو الإدلاء ببيانات، أو القسم، ولم تكن عدالته لتشفع له في استقطاع شيء من حقوق الناس، أو مسِّ أعراضهم. وقد اشترط الشرع البينة دفعًا للاتهامات الرخيصة - غير المسؤولة - لئلا يبادر أحد إلى اتهام أحد إلا عن يقين، ولذلك حين قُتل صحابي وجد بين بيوت اليهود في خيبر، اتهم أصحابه اليهود في قتله، فطالبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبينة) قالوا: ما لنا بينة، قال: فيحلفون،
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب استتابة المرتدين - باب 9 - الحديث 6939.
(¬2) صحيح البخاري - كتاب الدياث - من ترجمة الباب 22.
(¬3) صحيح البخاري - كتاب تفسير - باب 3 - الحديث 4552.