إن الكتابة عن الأخلاق من وراء مكتب فارهٍ، وبالنظر إلى عناوين وأسماء الأخلاق التي سبق أن كُتِب عنها أمر سهل ويسير، فالموضوعات محدودة، والأحاديث المشهورة في كل موضوع تكاد تكون مكررة في أكثر كتب الحديث، لقد كان اختيار الموضوع مستوحًى من واقع أليم لا من فهارس الكتب، ولقد كانت المادة المختارة - في كثير من الأحيان - مستخرَجة من غير مظانِّها في كتب الحديث، ولقد كان اختيار العناوين أيضًا بما يناسب الهدف والمحتوى.
حاولنا أن نتوسَّع في معنى الأخلاق، بحيث يشمل كل ما يمكن أن يتَّصِف به المسلم من الصفات المحمودة، التي إن التزم بها، ودوام عليها، صارت له خلقًا مميزًا.
ولقد كان تسلسل المواضيع تابعًا لِمَا يتوارد من أحداث - كما أشرنا - غير أنه لَمَّا انعقد العزم على إخراج هذه المواضيع في كتاب، تم تصنيف هذه الأخلاق على أبواب تشمل بمجموعها جوانب شخصية المسلم بنوع من التوازن، واقتضى الأمر إعادة النظر في المواضيع لاستبعاد ما ينبغي استبعاده، وإضافة ما يحسن إضافته، وتعديل ما يلزم تعديله، فإن الصفحة الواحدة من المجلة التي كنا ألزمنا أنفسنا بها، كانت تضطرنا إلى مزيد من الإيجاز، بحيث نترك الكلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أكثر مما نستأثر به لأنفسنا، وألا يكون كلامنا أكثر من تمهيد، أو تعليق، أو ربط بين النصوص.
إن طبيعة الكتابة في مجلة غير متخصصة، لم تكن تتيح لنا وضع الحواشي والتخريجات، فلما أن عزمنا على إخراج الكتاب إلى