إن الثقة التي يريدها الرب سبحانه وتعالى من عباده هي الثقة التي تحققت في أم موسى عمليًّا، حين قال عنها:
{فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ...} [القصص: 7] وهكذا ألقته في اليم ولم تخَفْ، ولم تحزن، مع أن اليم خطير على الطفل الرضيع عادة، وكتب الله له النجاة، وتلقَّى فرعونُ الطفل الرضيع، ولم يخَف من كفالته في قصرِه؛ لأن الطفل الرضيع لا يخيف من ربَّاه عادة، فكان هلاك فرعون على يديه، وهكذا تجري عجائب قدر الله.
وقد حدَّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاثة أصناف من الناس لا خير فيهم: «ثلاثة لا تسأل عنهم ... ورجل في شك من أمر الله، والقنوط من رحمة الله» (¬2)، ولذلك فإن الأمة التي نخرها الشك، ونهشها القنوط لا يُرجَى خيرها ما لم تستَعِدِ الثقةَ واليقين بنصر رب العالمين.
إن عقيدة الإيمان بالقدر مصدر من مصادر الثقة بأن العاقبة للمتقين، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئَه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه» (¬3).
¬_________
(¬1) صحيح سنن أبي داود الألباني - الجهاد - باب 107 - الحديث 2307/ 2649 (صحيح).
(¬2) صحيح الجامع برقم 3059 (صحيح).
(¬3) صحيح الجامع برقم 2150 (صحيح).