وتعظم المسؤولية ويثقل العبء على من تولى أمر بضعة من المسلمين؛ لأنه أقدر على دفع الضر أو جلب النفع بما أوتي من سلطان إمرة وحق الطاعة، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «.. فمَن ولي شيئًا من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فاستطاع أن يضرَّ فيه أحدًا، أو ينفع فيه أحدًا، فليقبَل من محسنِهم، ويتجاوز عن مسيئهم» (¬2)، بحيث يبقى أمره يدور بين تكريم محسنهم، والعفو عن مسيئهم، أي بين تقديم نفع، أو دفع أذى؛ لأن أهل الإمرة كثيرًا ما يجورون وهم لا يشعرون، فإذا ما وضعوا نُصب أعينهم مهمة جلب المنفعة ودَرْء الأذى عصموا أنفسهم من الزلل بإذن الله.
ومن الصور العملية لخلق النفع ألا تستبقي أرضًا تملكها دون خدمة ولا زراعة، مع وجود أخٍ لك عاطل عن العمل يستطيع أن يستخرج خير الأرض، وأن ينتفع بها، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليُزرِعها أخاه» (¬3)، وكم
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب 34 - الحديث 6494 (فتح الباري 11/ 330).
(¬2) صحيح البخاري - كتاب الجمعة - باب 29 - الحديث 927 (فتح الباري 2/ 404).
(¬3) صحيح مسلم - كتاب البيوع - باب 17 - الحديث 88 (شرح النووي 5/ 454).