أفلا تجود بعلمك، وتتصدق بعرقك، وتعين بسعيك؛ لتكون دائمًا ممن جعله الله مفتاحًا للخير، مِغلاقًا للشر، وعندئذٍ بُشراك الجنَّة كما في الحديث: «.. فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه» (¬1).
ولدوام النفع بأمثال هؤلاء لا بدَّ من تعزيزهم بالمال والسلطان، وقد ذكر النسائي - عقب حديث في كتاب قسم الفيء - طريقة قسمة سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغنائم بعد وفاته، فقال: (وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإمام: يشتري الكراع منهم، والسلاح، ويُعطي منه مَن رأى، ممن رأى فيه غناءً ومنفعة لأهل الإسلام، ومن أهل الحديث والعلم والفقه والقرآن) (¬2).
وقد جعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المؤمنَ مثلًا في دوام النفع به، وشبَّه النخلة به لدوام خضرتها وإمكانية الانتفاع بكل ما فيها، فقال: «إني لأعلم شجرة يُنتفع بها مثل المؤمن» (¬3)، والمؤمن يحرص على تقديم خيره إلى الناس لوجه الله، وابتغاء مرضاته، ولا تتحكم به مشاعر شخصية، أو مواقف عارضة، وقد عاتب ربُّنا عز وجل أبا بكر - رضي الله عنه - حين
¬_________
(¬1) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - المقدمة - باب 19 - الحديث 194/ 237 (حسن).
(¬2) صحيح سنن النسائي للألباني، من تعقيب النسائي على الحديث 3866 من كتاب قسم الفيء.
(¬3) مسند أحمد 2/ 115. كما رواه البخاري في العلم - باب 5 - الحديث 62 (الفتح 1/ 147).