بهذه الصراحة كانت الحقوق لا تُغمط، وكان أصحاب الحقوق لا يتتَعْتَعِّون في نيل حقوقهم.
والمؤمن صريح، لا يعرف النفاق والتحايل، لذلك فإنه يتعامل بوجه واحد، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المذبذَبين والمتملقين: «تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» (¬2).
وفي بيان ذي الوجهين قال في الفتح: (قال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، فيظهر لها أنه منها، ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق، ومحض كذب وخداع، وتحيُّل على الاطِّلاع على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة، قال: فأمَّا مَن يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود، وقال غيره: المحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل إليه ما أمكنه من الجميل، ويستر القبيح) (¬3).
ولعلم الإنسان بضعف نفسه، فإن كثيرًا من المواقف تقتضي منه الصراحة، تجنبًا لسوء تصرف قد يصدر منه، أو من غيره، ولذلك قال
¬_________
(¬1) عن المغني 12/ 35، 101 ط القاهرة 1990 - والقصة في مصنف عبد الرازق (كتاب العقول - باب من أفزعه السلطان).
(¬2) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب 52 - الحديث 6058 (الفتح 10/ 474).
(¬3) فتح الباري 10/ 475.