هل من لوازم الصراحة سوء الأدب، وإثارة الفتن، والتشهير بالعيوب، والتطاول، أم هي النصيحة الصادقة، والنقد البناء، والجرأة الأدبية؟
(الصراحة): في اللغة: الوضوح والخلوص من الالتواء، ويُعرِّفها صاحب كتاب (الخلق الكامل) اصطلاحًا بأنها: (إظهار الشخص ما تنطوي عليه نفسه، من غير تحريف ولا مواربة؛ بحيث تكون أفكاره واضحة جلية، وبحيث توافق أفعاله أقواله) (¬1).
وكثيرًا ما يستنكر الناس صراحةَ الصريح، داعين إلى المداراة، التي ساقت كثيرين من الناس إلى المداهنة، ولَمَّا أفرط الناس في المداراة، كان لا بدَّ من تذكيرهم بالصراحة، وبحقيقة المداراة، ومواطنها الشرعية.
جاء في الفتح في شرح (باب المداراة مع الناس): (قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، والمداهنة محرمة، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق، وإظهار الرضا بما هو فيه، من غير إنكار عليه، والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولاسيما إذا احتيج إلى تألفه) (¬2).
ترون أن المداراة
¬_________
(¬1) الخلق الكامل لمحمد أحمد جاد المولى 3/ 464.
(¬2) فتح الباري 10/ 528.