ويجب أن نكون عونًا للناس على أن يصارحوا، فلا نشدد النكير عليهم إن أظهروا من أنفسهم ضعفًا، ففي قصة المرأة التي جاءت تصارح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، طالبة الطلاق من زوجها - مدعية عدم قدرته على القيام بحقها - قائلة: (ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهُدْبة - لهُدْبة أخذتها من جلبابها - وما يزيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التبسم) (¬2)، فاحترم صراحتها، وقضى قضاءه بصراحة أيضًا.
ومن صور الصراحة الصادقة: موقف بشير بن الخصاصية - رضي الله عنه -، حين جاء يعاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعمال من الإسلام، فوافق على كل شيء إلا الزكاة والجهاد، وكان من قوله: (أما الجهاد: فإني رجل جبان، وأخاف إن حضر القتال، أن أخشع بنفسي فأفر، فأبوء بغضب من الله)، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بشير، لا صدقة ولا جهاد فبم إذًا تدخل الجنة؟» (¬3)، بايعه على كل شيء، ولم يُعلِّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صراحته تلك، ووصفه نفسه بالجبن، بما يجرحه أو يؤذيه.
كم تخسر من الأصحاب بسبب عدم الوضوح والصراحة!
يقول علي - رضي الله عنه -: (لا تقطع أخاك عن ارتياب، ولا تهجره دون
¬_________
(¬1) أخلاقنا الاجتماعية - ص 65.
(¬2) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب 68 - الحديث 6084 (الفتح 10/ 502).
(¬3) عن حياة الصحابة 1/ 240 - 241: وأخرجه أحمد 5/ 224، ورجاله موثقون - كما قال الهيثمي -.