والقادر على النصرةِ لأخيه المسلم بكلمة أو شفاعة أو إشارة بخير، إن لم يقدمها مع قدرته على ذلك وهو يرى بعينه إذلال أخيه، ألبسه الله لباس ذل أمام الخلق يوم القيامة؛ لتقصيره في نصرة أخيه ورفع الذل عنه، وفي ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أُذِل عنده مؤمنٌ فلم ينصره - وهو قادر على أن ينصره - أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة» (¬2).
لابد لكل دعوة من رجال متشبعين بخلق النصرة، وإلا فلن تكتب لها الحياة، وأدناها النصرة بالمعونة ورفع المظالم، وأعلاها النصرة في الجهاد، وحين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض دعوته في المواسم بمنى كان يقول: «مَن يُؤويني؟ مَن ينصرني؟» (¬3).
وحين بُويِع بيعة العقبة اشترط النصرة، فقال: «... وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تُؤونا، وتنصرونا، وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم» (¬4).
وحتى ورقة بن نوفل كان يقول له في مطلع الرسالة: (وإن يُدرِكني يومك أنصُرْك نصرًا مؤزرًا) (¬5).
والله عز وجل قادر على أن ينصر رسوله، لكنه ترك للمؤمنين حظًّا في النصرة يؤدُّونه، ويُسألون عنه ويؤجرون عليه، قال تعالى:
¬_________
(¬1) صحيح سنن أبي داود للألباني - كتاب الأدب - باب 121 الحديث 4270/ 5117 (صحيح).
(¬2) مسند أحمد 3/ 487، وحسّنه عبد الرحمن البنا (بلوغ الأماني 19/ 69).
(¬3) مسند أحمد 3/ 322، صحح الحاكم إسناده وأقره الذهبي، وقال ابن كثير في تاريخه: هذا إسناد جيد على شرط مسلم (عن بلوغ الأماني 30/ 270).
(¬4) مسند أحمد 4/ 119، وفي بلوغ الأماني 20/ 276 (رجاله ثقات).
(¬5) صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي - باب 3 - الحديث 3 (فتح الباري 1/ 23).