إن المستعدَّ للشهادة حقًّا يكون قد وطن نفسه لما قد يُصيبه من البلاء، وروض نفسه على الصبر عن الفرار، ولو أدى به هذا الصبر إلى الموت، يروي البخاري أن نافعًا سُئل على أي شيء بايع الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ على الموت؟ (قال: لا، بل بايعهم على الصبر) (¬2)، ويليه في صحيح البخاري حديثٌ عن سلمة يثبت البيعة على الموت، فربط ابن حجر بين الروايتين ربطًا لطيفًا؛ فقال: (ولا تنافِيَ بين قولهم بايعوه على الموت، وعلى عدم الفرار؛ لأن المراد بالمبايعة: ألا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولابد، وهو الذي أنكره نافع وعدل إلى قوله: بل بايعهم على الصبر؛ أي على
¬_________
(¬1) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب التعبير - باب 10 - الحديث 3171/ 3925 (صحيح).
(¬2) صحيح البخاري - الجهاد - باب 110 - الحديث 2958. وحديث البيعة على الموت 2960.