ومثل هذه التربية على الاستعداد للشهادة هي التي تجعل مَن ينشد الشهادة جريئًا في الحق، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» (¬3)، ويُعلِّق الغزالي على هذا المعنى فيقول: (ولَما علم المتصلِّبون في الدين أن أفضل الكلام كلمة حق عند سلطان جائر، وأن صاحب ذلك إذا قتل فهو شهيد - كما وردت به الأخبار - قدموا على ذلك موطنين أنفسهم على الهلاك، ومحتملين أنواع العذاب، وصابرين عليه في ذات الله، ومحتسبين لما يبذلونه من مهجهم عند الله) (¬4).
وبغير هذه النفسية تكون الأمة غثاءً كغثاء السيل، وتكون نتيجة تلك الغثائية أن الله (ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن)، ولما
¬_________
(¬1) فتح الباري 6/ 118، عند شرحه للحديث 2958.
(¬2) مسند أحمد 5/ 248، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح - بلوغ الأماني 22/ 392 - .
(¬3) صحيح سنن أبي داود للألباني - كتاب الملاحم - باب 17 - الحديث 3650/ 4344 (صحيح).
(¬4) إحياء علوم الدين 2/ 343.