المجاهد الذي ارتضى لنفسه طريق التضحية لن يستمر في هذا الطريق ما لم يتحلَّ بالصبر، وأية فئة اختارت طريق الابتلاء فلن تدوم رابطتها، ولن تتماسك بنيتها ما لم تتواصَ بالحق وتتواصَ بالصبر، والمؤمنون جميعًا مخاطبون بقول ربهم - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].
عُرِّف الصبر الاختياري بتعريفات كثيرة نختار منها الأقوال التالية:
- قال الطبري: (الصبر: منع النفس محابها، وكفها عن هواها) (¬1).
- وقال إبراهيم الخواص: (الصبر: هو الثبات على الكتاب والسنة) (¬2).
- ووصفه ابن الجوزي بأنه: (حبس النفس عن فعل ما تحبه، وإلزامها بفعل ما تكره في العاجل، مما لو فعله أو تركه لتأذى به في الآجل) (¬3).
وأما الصبر على البلاء المقدور والمصائب النازلة التي ليس فيها للإنسان إرادة ولا اختيار، فكما قال ابن عطاء: (الصبر: الوقوف مع
¬_________
(¬1) عن فتح الباري 3/ 172 من شرح كتاب الجنائز - باب 42 - الحديث 1302.
(¬2) شرح النووي لصحيح مسلم 2/ 104.
(¬3) عن فتح الباري 11/ 304 من شرح كتاب الرقاق - باب 20.