يقول ابن حجر: (صابرًا؛ أي: غير منزعج ولا قلق، بل مسلمًا لأمر الله راضيًا بقضائه) (¬2)، وحين أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصبر في بداية الدعوة أمر بالصبر الجميل {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج: 5].
يقول القرطبي: (والصبر الجميل: هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله) (¬3).
والصبر المحمود ما كان فيه تمامُ التوكل على الله وكمال اليقين به، هذا اليقين الذي يجعل المجاهد مقبلًا غير مدبر، (قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن قتلتُ في سبيل الله يكفر عني خطاياي؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم. إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ..» (¬4) وهو الصبر المتجمل باليقين في ساعة المصيبة؛ بحيث لا يفقد صوابه ولا يهذي بلسانه.
وفي الحديث القدسي: «ابن آدم، إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرضَ لك ثوابًا دون الجنة» (¬5).
قال الخطابي: (المعنى أن الصبر الذي يُحمَد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة،
¬_________
(¬1) صحيح البخاري - كتاب الأنبياء - باب 54 - الحديث 3474.
(¬2) فتح الباري 10/ 193، من شرح كتاب الطب - باب 31 - الحديث 5734.
(¬3) تفسير القرطبي 18/ 184.
(¬4) صحيح سنن الترمذي للألباني - كتاب الإيمان - باب 32 - الحديث (صحيح).
(¬5) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الجنائز - باب 55 - الحديث 1597 (حسن).