ولا شك أن نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - قد عرف بنور الوحي خطورة هذه الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها،ودعا أتباعه بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم – قدر المستطاع – [لا تغضب] محاولاً أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب – رحمة بهم – وحفاظاً على صحة أبدانهم من المرض والتلف،لكنه – عليه الصلاة والسلام – كان يعلم في نفس الوقت طبيعة النفس البشرية،ويعلم أن الإنسان لحظة غضبه قد لا يقوى على كتم غضبه،خاصة إن كان يغضب لله أو لعرضه أو ماله،فإذا به يصف العلاج قبل أن يستفحل الغضب،وقبل أن يقدم الغاضب على فعل لا تحمد عقباه.
الهدي النبوي في معالجة الغضب:سبق طبي معجز
لا شك أن سرعة الغضب من الأمراض المهلكة للبدن والمستنفذة لقواه (6).وقد جاءت التعاليم النبوية بطرق ناجعة لمكافحة الغضب والحدّ من تأثيره السيء على البدن وعلى المسلم أن روض نفسه على الحلم (7).فبالحلم تستأصل جذور العداوات من النفس وتستل الخصومات من القلوب.وقد أوتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - كما نعلم من سيرته – أوفى نصيب من الحلم وسعة الصدر وضبط النفس عند الغضب.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن سيّد الخلق - صلى الله عليه وسلم - يقول:"أربع من كنَّ فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان:من يملك نفسه حين يرغب وحين يرهب وحين يشتهي وحين يغضب"(1).
__________
(1) رواه الترمذي وضعفه المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير.