قال ابن الأثير (1) "الإنسان يولد على نوع من الجبلة والطبع المهيء لقبول الدين،فلو ترك الأمر عليها لإستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها،وإنما يعدل من يعدل لآفة من البشر والتقليد".
وقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه (3) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى:"وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن".قال:"ابتلاه بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد.في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء".
قال أبو شامة (4):"الفطرة هي الخلقة المبتدئة،أي أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها. والاستحداد استعمال الموس في حلق الشعر،والبراجم مفاصل الأصابع أو العقد التي على ظهرها،والمراد بها الموضع التي تتجمع فيها الأوساخ من البدن".
وقد فسر كثير من العلماء "الفطرة" التي وردت الأحاديث النبوية بأنها "السنة أي الطريقة التي جاء بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.وقد أمر الله سبحانه نبيه المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - بالإقتداء بهم في قوله تعالى:"فبهداهم اقتده".
يقول الإمام النووي (5):"جزم الماوردي وأبو اسحق بأن المراد بالفطرة في هذا الحديث : الدين.وقال البيضاني:الفطرة المرادة هنا هي السنة القديمة التي إختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليه".
__________
(1) عن كتابه "النهاية في غريب الحديث".