وروى الإمام حجة الإسلام الغزالي (1) عن بعض السلف:"أن أول خطيئة للبشر كانت الحسد،حسد إبليس آدم عليه السلام على مرتبته فأبى أن يسجد له فحمله الحسد على معصية الله،وإياك والحسد فإنّ ابن آدم قتل أخاه حين حسده".
والحسد هو كراهة النعمة وتمني زوالها عن صاحبها (1و2) وهو حرام بكل حال.
وأما الغبطة فهو أن ترى النعمة على أخيك فلا تكره وجودها ولا تحب زوالها عنه،بل تتمنى من الله أن يرزقك مثلها وليس في ذلك ما يأثم عليه.
ويرى أبو بكر الرازي (3) "أنَّ الحسد يتولد من اجتماع البخل والشره في النفس،وهو شرٌ من البخل،فالبخيل لا يحب أن يمنح أحداً شيئاً مما يملكه،أما الحسود فإنه يتمنى ألا ينال أحدٌ خيراً أصلاً،ولو كان الخير ليس مما يملكه هو، والحسد داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها".
ولعظيم ضرر الحسد على الإنسان وعلى المجتمع،فقد نفر القرآن الكريم منه،وأمر بالاستعاذة من شر الحاسد كما أمر بالاستعاذة من نفث الشيطان،فالحسد مفسد للطاعات،باعث على الخطايا.وهو نار تضطرم (4) في صدر الحسود،فما تراه إلا كاسف الوجه،قلق الخواطر،غضبان على القدر قد عادى حكمة الله.قال تعالى:(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) صدق الله العظيم.
ويرى الإمام أبو بكر الرازي (3) أن الحسد يضر بالنفس لأنه يشغلها عن التصرف المفيد لها وللبدن وذلك يسبب طول الحزن والتفكر ثم إنه يضر بالجسد لما يعرض للمحسود من طول السهر وسوء الاغتذاء،وينشأ عن ذلك رداءة في اللون وسوء السحنة وفساد المزاج.