قوله (سباتاً) أي راحة لأبدانكم بانقطاعكم عن الأشغال،وأصل السبات من التمدد،وقيل للنوم سبات لأنه بالتمدد يكون وفي التمدد معنى الراحة. وقوله (وجعل النهار نشوراً) من الانتشار للمعاش والعمل (2).
فالله سبحانه -جلت قدرته- جعل الليل لباساً يستتر به الإنسان عن عالم العمل ليفتحها على عالم الأمل،والنوم فطرة الإنسان منَّ الله بها عليه،ولا يمكن لبشر أن يظلَّ مستيقظاً لا ينام فتلك صفة الواحد القهار لا يشاركه فيها أحد فهو الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم (4).
وقوله تعالى:(ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً) النمل.
قال الرازي (5) لما قال (جعلنا الليل ليسكنوا فيه) فَلِمَ لم يقل والنهار لتبصروا فيه ؟،وجوابه لأن السكون في الليل هو المقصود من الليل أما الإبصار في النهار فليس هو المقصود بل هو وسيلة إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية.
وقوله تعالى:(ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله) الروم.
تذكر أبحاث طبية حديثة(6) أن الغدة الصنوبرية الواقعة تحت الدماغ تقوم بإفراز مادة الميلانونين،ويزداد إفراز هذه المادة في الظلام بينما يثبط نور الشمس إفرازها،وقد وُجد أن للميلانونين تأثير مباشر على النوم.وفي الحقيقة فإنه لحدوث النوم يلزم زوال جميع التنبيهات الخارجية من سمع وبصر والتي تنتقل عن طريق حواسه إلى الدماغ وعندما تخف تلك التنبيهات أو تنعدم تخف وظائف الدماغ المتوقفة عليها ويحصل النوم،فسبحان من جعل الليل سكناً.