الشاهد في الحديث في قوله (فليؤثر بماله عصبته) فيه دلالة على الندب من الايثار بالمال وهذا مصداق قوله تعالى (ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة) قال الطبري (وقوله ويؤثرون على أنفسهم يقول تعالى ذكره وهو يصف الأنصار الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبل المهاجرين ويؤثرون على أنفسهم يقول ويعطون المهاجرين أموالهم إيثارا لهم بها على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة يقول ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثروا به من أموالهم على أنفسهم) (¬1) حيث أن ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصحابة وخطابه لهم في أمر الايثار وهم جيل الدعوة الاول الذين حملوها وبلغوها يدل على لزوم توفر هذه الخصيصة في كل من يتصدر الى أمر الدعوة.
الحديث الخامس: قال الإمام البخاري:
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول قال أبو طلحة لأم سليم: (لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء قالت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخرجت خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي ولاثتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم آرسلك أبو طلحة فقلت نعم قال بطعام فقلت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت الله ورسوله أعلم فانطلق أبو
¬__________
(¬1) تفسير الطبري 28/ 42.