وفي الحقيقة ان القرآن ليس متغايراً مع قراءاته المطردة المتصلة السند برسول الله (- صلى الله عليه وسلم -)، وقد أبان الله (- سبحانه وتعالى -) في محكم كتابه أنه قد قرأه وأقرأه رسوله (- صلى الله عليه وسلم -)، قال (- سبحانه وتعالى -) {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (¬2) وقد جعله الله (- سبحانه وتعالى -) عربياً، أي: مقروءاً بالعربية في آيات منها؛ {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (¬3) و {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، (¬4) و {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (¬5)، وخاطب الله (- عز وجل -) محمداً (- صلى الله عليه وسلم -) بفعل القراءة قاصداً الوحي المنزل من عليين، ولم يجعل القراءة امراً غير القرآن، قال (- سبحانه وتعالى -) {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} (¬6) كما ان الافعال: تلا ورَتل وقرأ، (¬7) اتصلت بالكتاب مقروءاً ومسموعاً فهو هي وهي هو، لذلك قال (- سبحانه وتعالى -) {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}، (¬8) فهل يشك احد ان الكتاب هذا ليس القرآن، فكذلك القراءة لأننا لا نستطيع الفصل بين الامرين، وقد أشار رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) الى اعراب القرآن ـ ولم يقل القراءة ـ فان الله يحُبّه معرباً، (¬9) فاذا كان القرآن غير القراءة فكيف يعرب، والوحي معنى متلازم بلفظ لاينفك عنه هو ـ إجمالاً ـ القرآن الكريم.
وقد ذهب العلماء الى ضبط القراءات بضابط لا يؤدي الى اخلال بأمرين من امور القراءة اتصالاً بكتاب الله (- سبحانه وتعالى -) سعياً الى حصرها واستبعاد الشاذ والضعيف وغير المطرد، لذلك سعوا الى وضع اركان ثلاثة تحكم القراءة الصحيحة والمطردة والمتواترة، وتلك الاركان هي:
¬__________
(¬1) ينظر: السبعة: 55، 56، 64، 65، 68، 69، 70، 72، 73، 85، 86، معترك الاقران: 1/ 121، 123.
(¬2) القيامة: 18.
(¬3) فصلت: 3.
(¬4) الشورى: 7
(¬5) الزخرف: 3.
(¬6) الأعلى: 6.
(¬7) ينظر: النحل: 98، الاسراء: 45، النمل: 92، المزمل:4، 20، الانشقاق: 21.
(¬8) الواقعة: 79.
(¬9) المعجم الأوسط: 7/ 307.
