وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً
وقد روي أن رجلا أتى إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إن لي أمّا أنا مطيتها أقعدها على ظهري ولا أصرف عنها وجهي وأردّ إليها كسبي فهل جزيتها؟ فقال: لا ولا بزفرة واحدة قال: ولم؟ قال: لأنها كانت تخدمك وهي تحب حياتك وأنت تخدمها وتحب موتها. وقال الحسن البصري: حق الوالد أعظم وبر الوالدة ألزم. وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال:
«أنهاكم عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات» وروى خالد بن معدان عن المقداد قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إن اللّه يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب».
وأما المولودون فهم الأولاد وأولاد الأولاد والعرب تسمي ولد الولد الصفوة وهم مختصون مع سلامة أحوالهم بخلقين: أحدهما لازم والآخر منتقل.
فأما اللازم فهو الأنفة للآباء من تهضم أو خمول والأنفة في الأبناء في مقابلة الإشفاق في الآباء وقد لحظ أبو تمام الطائي هذا المعنى في شعره فقال:
فأصبحت يلقاني الزمان لأجله ... بأعظام مولود وإشفاق والد
وأمّا المنتقل فهو الإدلال وهو أوّل حال الولد والإدلال في الأبناء في مقابلة المحبة في الآباء لأن المحبة بالآباء أخص والإدلال بالأبناء أمس وقد روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: قلت يا رسول اللّه ما بالنا نرق على أولادنا ولا يرقون علينا؟ قال: لأنا ولدناهم ولم يلدونا. ثم الإدلال في الأبناء قد ينتقل مع الكبر إلى أحد أمرين إما إلى البر والاعظام وإما إلى الجفاء