(فالخصلة الأولى) عقل موفور يهدي إلى مراشد الأمور فإن الحمق لا تثبت معه مودّة ولا تدوم لصاحبه استقامة. وقد روي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال:
«البذاء لؤم وصحبة الأحمق شؤم» وقال بعض الحكماء: عداوة العاقل أقل ضررا من مودّة لأن الأحمق ربما ضر وهو يقدر أن ينفع والعاقل لا يتجاوز الحدّ في مضرته فمضرته لها حدّ يقف عليه العقل ومضره الجاهل ليست بذات حدّ والمحدود أقل ضررا مما هو غير محدود. وقال المنصور للمسيب ابن زهير: ما مادة العقل فقال: مجالسة العقلاء. وقال بعض البلغاء: من الجهل صحبة ذوي الجهل ومن المحال مجادلة ذوي المحال. وقال بعض الأدباء: من أشار عليك باصطناع جاهل أو عاجز لم يخل أن يكون صديقا جاهلا أو عدوّا عاقلا لأنه يشير بما يضرك ويحتال فيما يضع منك.
وقال بعض الشعراء:
إذا ما كنت متخذا خليلا ... فلا تثقن بكل أخي إخاء
فإن خرت بين الناس فالصق ... بأهل العقل منهم والحياء
فإن العقل ليس له إذا ما ... تفاضلت الفضائل من كفاء
(والخصلة الثانية) الدين الواقف بصاحبه على الخيرات فإن تارك الدين عدوّ لنفسه فكيف يرجى منه مودّة غيره. وقال بعض الحكماء:
إصطف من الإخوان ذا الدين والحسب والرأي والأدب فإنه ردء لك عند حاجتك ويد عند نائبتك وأنس عند وحشتك وزين عند عافيتك. وقال حسان ابن ثابت رضي اللّه عنه:
أخلاء الرخاء هم كثير ... ولكن في البلاء هم قليل