غفير من الانصار حفظةً للكتاب، بل إن ابن عباس يشير الى ان المصاحف كانت لاتباع في عهده (- صلى الله عليه وسلم -)، (¬1) وهذا دليل على أن القرآن محفوظ في الصدور كما هو محفوظ في السطور، وهو امر لايقبل الجدل لما بيناه من أمور الخط والكتابة فيما قبل الاسلام وفي عهده (- صلى الله عليه وسلم -).
وقد خالف قوم ذلك مدعين ان جامعي القرآن قلة، وذهب بعض المستشرقين كاثر جفري الى الجزم بأن القرآن لم يجمع في عهده، مستدلا بأن خوف أبي بكر من الاقدام على تدوين القرآن آتٍ من أن الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) لم يفعل شيئاً من هذا، (¬2) وكيف يكون خوف أبي بكر هكذا، وقد اخبر محمد (- صلى الله عليه وسلم -) ان أبا بكر (- رضي الله عنه -) يتولى جمع القرآن وتأليفه، ثم يتولاه من بعده عثمان بن عفان (- رضي الله عنه -)، وما ذلك من أبي بكر الا اكتفاء بالمدون من النص الشريف، وترقبا لطارئ يطرأ على حال الامة، وكان ذلك ما لحق من قتل القراء في حرب اليمامة، ناهيك عن أمر الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) بالا يكتبوا عنه شيئاً عدا القرآن، وفي ذلك بيان جلي لكتبه في عهده (- صلى الله عليه وسلم -) وباشرافه على ذلك.
اما بعد ما قُبض الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) فهناك خلاف في تحديد اول من جمع القرآن بين الدفتين، قول يجعله أبا بكر (- رضي الله عنه -)، واخر عمر (- رضي الله عنه -) وثالث يجعله علياً (- رضي الله عنه -) ورابع يجعله
¬__________
(¬1) ينظر: المصاحف: 5، المعارف: 260، مقدمتان: 24، 25، 26 - 27، 28،32، 273، القرطبي: 1/ 56 - 57، 58، 20/ 139، البرهان للزركشي: 1/ 296، السنن الكبرى للبيهقي: 6/ 16، البحر: 1/ 564، تاريخ القرآن للزنجاني: 17، 20 - 21، 24 - 25، 26، مذاهب التفسير الاسلامي: 17، دائرة المعارف الاسلامية: 5/ 405، المفصل، د. جواد علي: 8/ 134، القرآن الكريم وأثره، د. مكرم: 4 - 5، 82 - 83، كتاب النبي (- صلى الله عليه وسلم -): 23، رسم المصحف، د. غانم: 99، دراسات في كتاب سيبويه: 51 - 52، 62 - 63، القرآن الكريم اعجازه وبلاغته وعلومه: 31.
(¬2) ينظر: المصاحف: 5، مقدمتان: 25، القرطبي: 1/ 56 - 57، القرآن الكريم واثره، د. مكرم: 4 - 5.
