وعبد اللّه بن زياد بن ظبيان التيمي خوف أهل البصرة أمرا فخطب خطبة أوجز فيها فنادى الناس من أعراض المسجد أكثر اللّه فينا مثلك فقال: لقد كلفتم اللّه شططا ومعبد ابن زرارة كان ذات يوم جالسا في طريق فمرت به امرأة فقالت له: يا عبد اللّه كيف الطريق إلى موضع كذا فقال: يا هناه مثلي يكون من عبيد اللّه.
وأبو شمال الأسدي أضل راحلته فالتمسها الناس فلم يجدوها فقال: إن قد ردّ اللّه راحلتك فصل فقال إن يميني يمين مصرّ. فانظر إلى هؤلاء كيف أفضى بهم العجب إلى حمق صاروا به نكالا في الأوّلين ومثلا في الآخرين.
ولو تصوّر المعجب المتكبر ما فطر عليه من جبلة وبلى به من مهنة لخفض جناح نفسه واستبدل لينا من عتوّة وسكونا من نفوره. وقال الأحنف بن قيس: عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر وقد وصف بعض الشعراء الإنسان فقال:
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته ... أنظر خلاك فإن النتن تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ... وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك ... والعين مرفضة والثغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا ... أقصر فإنك مأكول ومشروب