قال الحسن: مختلفين في الرزق فهذا غني وهذا فقير ولذلك خلقهم يعني للإختلاف بالغنى والفقر. وقال اللّه تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ
غير أن الدنيا إذا صلحت كان إسعادها موفورا وإعراضها ميسورا لأنها إذا منحت هنأت وأودعت وإذا استردّت رفقت وأبقت وإذا فسدت الدنيا كان إسعادها مكرا وإعراضها غدرا لأنها إذا منحت كدّت وأتعبت وإذا استردّت استأصلت وأجحفت ومع هذا فصلاح الدنيا مصلح لسائر أهلها لوفور أماناتهم وظهور دياناتهم وفسادها مفسد لسائر أهلها لقلة أماناتهم وضعف دياناتهم وقد وجد ذلك في مشاهد الحال تجربة وعرفا كما يقتضيه دليل الحال تعليلا وكشفا فلا شيء أنفع من صلاحها كما لا شيء أضرّ من فسادها لأن ما تقوى به ديانات الناس وتتوفر أماناتهم فلا شيء أحق به نفعا كما أن ما به تضعف دياناتهم وتذهب أماناتهم فلا شيء أجدر به ضررا وأنشدت لأبي بكر بن دريد:
الناس مثل زمانهم ... قدّ الحذاء على مثاله