البعيد قريب بمودّته والقريب بعيد بعداواته. وإن أهملت الحال بين المتناسبين ثقة بلحمة النسب واعتمادا على حمية القرابة غلب عليها مقت الحسد أو منازعة التنافس فصارت المناسبة عداوة والقرابة بعدا. وقال الكندي في بعض رسائله: الأب رب والولد كمد والأخ فخ والعم غم والخال وبال والأقارب عقارب. وقال عبد اللّه بن المعتز:
لحومهم لحمي وهم يأكلونه ... وما داهيات المرء إلّا أقاربه
ومن أجل ذلك أمر اللّه تعالى بصلة الأرحام وأثنى على واصلها فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ
قال المفسرون: هي الرحم التي أمر اللّه بوصلها ويخشون ربهم في قطعها ويخافون سوء الحساب في المعاقبة عليها. وروى عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يقول اللّه عز وجل أنا الرحمن وهي الرحم اشتققت اسمها من أسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته. وروي عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «صلة الرحم منماة للعدد مثراة للمال محبة في الأهل منسأة في الأجل» وقال بعض الحكماء: بلوا أرحامكم