وقال محمد بن عبد اللّه الأزدي:
وحسبك من ذل وسوء صنيعة ... مناوأة ذي القربى وإن قيل قاطع
ولكن أواسيه وأنسى ذنوبه ... لترجعه يوما إليّ الرواجع
ولايستوي في الحكم عبدان: واصل ... وعبد لأرحام القرابة قاطع
(وأما المصاهرة) وهي الثالث من أسباب الألفة
فلأنها استحداث مواصلة وتمازج مناسبة صدرا عن رغبة واختيار وانعقدا عن خبرة وإيثار فاجتمع فيها أسباب الألفة وموادّ المظاهرة قال اللّه تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
يعني بالمودّة المحبة وبالرحمة الحنوّ والشفقة وهما من أوكد أسباب الألفة. وفيها تأويل آخر قاله الحسن البصري رحمه اللّه أن المودّة النكاح والرحمة الولد.
وقال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
اختلف المفسرون في الحفدة فقال عبد اللّه بن مسعود هم أختان الرجل على بناته وقال عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما. هم ولد الرجل وولد ولده وروي عنه: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره وسموا حفدة لحفدهم في الخدمة وسرعتهم في العمل ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد أي نسرع إلى العمل بطاعتك. ولم تزل العرب تجتذب البعداء وتتألف الأعداء بالمصاهرة حتى يرجع النافر مؤانسا ويصير العدوّ مواليا وقد يصير للصهر بين الأثنين ألفة بين القبلتين وموالاة بين العشيرتين.
حكي عن خالد بن يزيد بن معاوية أنه قال: كان أبغض خلق اللّه عز