أما الشاذ المطلق غير المقيد بعدد كسوابقه، فالاجماع منعقد على أنه ليس قرآناً، وقد رجع ابن عباس عمّا قرأه قرب احتضاره، وحُرم قراءةً وصلاةً على انه قرآن، (¬2) وقد خرج على هذا انس (ت 93هـ) وابن شنبوذ (ت 318هـ) وابو شامة، واختلف في الاحتكام اليها شرعيا وادبياً فأبو حنيفة (ت 150هـ) والبناء يجيزان ذلك، اما الشافعي (ت 204هـ) والقشيري وابن الحاجب (ت 646هـ) فيمنعون ذلك، ولا يجيزون العمل بها، (¬3) وليس الامر كذلك، لأن بعض القراءات تفيد في أحكام معينة كالتفسير والاحكام وغيرها، (¬4) وعلى هذا فالاحتجاج بها والعمل على وفقها مقبول مؤازرة لاسناد حكيم معين او تعزيز وجهة نظر مفيدة.
وقد اختلف بعض العلماء في حقيقتها على ثلاثة وجوه، اولها هو: عدها لغات أو لهجات للقبائل العربية التي نزل القرآن بصريح لفظه أنه قرآن عربي مبين، وقد حددها بعضهم بعدد من لهجات القبائل العربية كقريش وتميم وهوازن وهذيل وغيرها، وقد رُدّ هذا بما رُدّ به عن الاحرف السبعة من خلاف بعض القراء مع انتمائهم الى قبيلة واحدة كخلاف عمر (- رضي الله عنه -) وهشام (- رضي الله عنه -) وأُبّي واخرين، وابن مسعود مع بعض الصحابة في حضرة الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) ويعيد الامرَ ابو حيان (ت 745هـ) الى اختلاف الصحابة (- رضي الله عنه -) أخذاً عن محمد (- صلى الله عليه وسلم -)، كما أن عمر وعثمان (- رضي الله عنه -) اكدا نزوله بلغة قريش، (¬5) وفي هذا بيان لاستبعاد كونها لهجات.
¬__________
(¬1) ينظر: الفخر: 4/ 86.
(¬2) ينظر: السبعة: 19، حجة أبي زرعة: 14، 68، 766، الكشاف: 1/ 458، مقدمتان: 273، الفخر: 1/ 163، 6/ 90، 9/ 68، 10/ 192، 11/ 227، 12/ 77، القرطبي: 19/ 41 - 42، الدر: 1/ 49، النشر: 1/ 14،15، 16، الغيث: 5، 726، الاتحاف: 9.
(¬3) ينظر: الاتقان: 1/ 128، الاتحاف: 26، أثر القرآن والقراءات: 373 - 372.
(¬4) السبعة 48، النشر 1/ 28، القراءات وأثرها في التفسير والاحكام: 1/ 186 - 188.
(¬5) ينظر: الطبري: 1/ 10، السبعة: 45، الابانه: 68، بيان السبب الموجب: 223، الكشاف: 2/ 468، الحديث النبوي الشريف وأثره: 286، القرطبي: 1/ 47 - 49، البحر: 1/ 77، الاتقان: 1/ 35، في الادب الجاهلي، طه حسين: 94 - 95،97 - 98، الموسوعة: 1/ 68،73، فقه اللغه، د. علي عبد الواحد وافي: 119 - 120، اللهجات العربية، د. حمودة: 58، اللهجات العربية، د. الراجي: 127، لهجة قبيلة أسد: 51.
