ولن تصادف مرعى ممرعا أبدا إلّا وجدت به آثار منتجع وإما لما يخافه اللبيب من شدّة الصبوة ويتوقاه الحازم من سوء عواقب الفتنة وقد قال بعض الحكماء: إياك ومخالطة النساء فإن لحظ المرأة سهم ولفظها سم. ورأى بعض الحكماء صيادا يكلم امرأة فقال: يا صياد إحذر أن تصاد. وقال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه: امش وراء الأسد ولا تمش وراء المرأة. وسمع عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه امرأة تقول هذا البيت:
إن النساء رياحين خلقن لكم ... وكلكم يشتهي شم الرياحين
فقال رضي اللّه عنه:
إن النساء شياطين خلقن لنا ... نعوذ باللّه من شرّ الشياطين
وإن كان العقد رغبة في الدين فهو أوثق العقود حالا وأدومها الفة وأمدّها بدأ وعاقبة لأن طالب الدين متبع له ومن اتبع الدين إنقاد له فاستقامت له حاله وأمن زلله ولذلك قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فاظفر بذات الدين تربت يداك وفيه تأويلان: أحدهما تربت يداك ان لم تظفر بذات الدين. والثاني أنها كلمة تذكر للمبالغة ولا يراد بها سوء كقولهم: ما أشجعه قاتله اللّه. وإن كان العقد رغبة في الألفة فهذا يكون على أحد وجهين إما أن يقصد به المكاثرة باجتماع الفريقين والمظافرة بتناصر الفئتين وإما أن يقصد به تألف أعداء متسلطين إستكفاء لعاديتهم وتسكينا لصولتهم وهذان الوجهان قد يكونان في الأماثل وأهل المنازل وداعي الوجه الأوّل هو الرغبة وداعي الوجه