صديق يحببني إلى الناس. وقال ابن المعتز: القريب بعداوته بعيد والبعيد بمودّته قريب. وقال الشاعر:
لمودّة ممن يحبك مخلصا ... خير من الرحم القريب الكاشح
وقال اخر:
يخونك ذو القربى مرارا وربما ... وفي لك عند العهد من لا تناسبه
فإذا عزم على اصطفاء الإخوان سبر أحوالهم قبل إخائهم وكشف عن أخلاقهم قبل اصطفائهم لما تقدّم من قول الحكماء: اسبر تخبر ولا تبعثه الوحدة على الإقدام قبل الخبرة ولا حسن الظن على الإغترار بالتصنع فإن الملق مصايد العقول والنفاق تدليس الفطن وهما سجيتا المتصنع وليس فيمن يكون النفاق والملق بعض سجاياه خير يرجى ولا صلاح يؤمل ولأجل ذلك قالت الحكماء: أعرف الرجل من فعله لا من كلامه وأعرف محبته من عينه لا من لسانه. وقال خالد بن صفوان: إنما نفقت عند إخواني لأني لم استعمل معهم النفاق ولا قصرت بهم عن الإستحقاق. وقال حماد:
كم من أخ لك ليس تنكره ... ما دمت في دنياك في يسر
متصنع لك في مودّته ... يلقاك بالترحيب والبشر
فإذا عدا والدهر ذو غير ... دهر عليك عدا مع الدهر
فارفض بإجمال مودّة من ... يقلي المقل ويعشق المثري
وعليك من حالاه واحدة ... في العسر إما كنت واليسر
على أن الإنسان موسوم بسيماء من قارب ومنسوب إليه أفاعيل من