وأسوأ أيام الفتى يوم لا يرى ... له أحد يزري عليه وينكر
غير أن فساد الوقت وتغير أهله يوجب شكر من كان شرّه مقطوعا وإن كان خيره ممنوعا كما قال المتنبي:
إنا لفي زمن ترك القبيح به ... من أكثر الناس إحسان وإجمال
وإما أن يستعين ولا يعين فهو لئيم كلّ ومهين مستذلّ قد قطع عنه الرغبة وبسط فيه الرهبة فلا خيره يرجى ولا شرّه يؤمن وحسبك مهانة من رجل مستثقل عند إقلاله ويستقلّ عند استقلاله فليس لمثله في الإخاء حظ ولا في الوداد نصيب وهو من جعله المأمون من داء الإخوان لا من دوائهم ومن سمّهم لا من غذائهم. وقال بعض الحكماء: شرّ ما في الكريم أن يمنعك خيره وخير ما في اللئيم أن يكف عنك شرّه وقال ابن الرومي:
عذرنا النخل في إبداء شوك ... يردّ به الأنامل عن جناه
فما للعوسج الملعون أبدي ... لنا شوكا بلا ثمر نراه؟
وأما من يعين ولا يستعين فهو كريم الطبع مشكور الصنع وقد حاز فضيلتي الإبتداء والإكتفاء فلا يرى ثقيلا في نائبه ولا يقعد عن نهضة في معونة فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا فينبغي لمن أوجد له الزمان مثله (وقل أن يكون له مثل لأنه البر الكريم والدر اليتيم) أن يثني عليه