اختلف المفسرون في تأويل ذلك فقال قتادة: أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه وقال مجاهد: اعطى كل شيء صورته ثم هداه لمعيشته. وقال تعالى:
يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ
يعني معايشهم متى يزرعون ومتى يغرسون. وقال تعالى: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
قال عكرمة: قدّر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد. وقال الحسن البصري وعبد الرحمن بن زيد: قدّر أرزاق أهلها سواء للسائلين الزيادة في أرزاقهم. ثم إن اللّه تعالى جعل لهم مع ما هداهم إليه من مكاسبهم وأرشدهم إليه من معايشهم دينا يكون عليهم حكما وشرعا يكون لهم قيما ليصلوا إلى موادهم بتقديره ويطلبوا أسباب مكاسبهم بتدبيره حتى لا ينفردوا بإرادتهم فيتغالبوا وتستولي عليهم أهواؤهم فيتقاطعوا قال اللّه تعالى:
وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ
قال المفسرون في هذا الموضع: هو اللّه جل جلاله فلأجل ذلك لم يجعل المواد مطلوبة بالإلهام حتى جعل العقل هاديا إليها والدين قاضيا عليها لتتم السعادة وتعم المصلحة. ثم إنه جلت قدرته جعل سدّ حاجتهم وتوصلهم إلى منافعهم من وجهين بمادة وكسب: فأما المادة فهي حادثة عن اقتناء أصول نامية بذواتها وهي شيئان نبت نام وحيوان متناسل. وقال اللّه تعالى: وَأَنَّهُ