وقد طعن بعضهم في صنيع عثمان (- رضي الله عنه -) متهمين اياه باسقاط خمسمائة حرف من المصحف، واحراق المصاحف واستبعاد أبي من كتبة المصحف وهو من اكد مكانته الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) في علم القراءة بقوله: (اٌقرؤكم أبي)، وكذلك استبعاد ابن مسعود الذي حضر كل عرضات جبريل للقرآن على الرسول (- صلى الله عليه وسلم -)، والمقر له بحسن القراءة، (¬2) غير ان هذا مردود بقولهم ان جميع صحابة الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) قد استحسنوا فعل عثمان هذا، (¬3) وفي هذا اقرار باجتماع الأمة على حكم واحد ومصحف واحد.
وقد اختلف أيضاً في عدد المصاحف التي استنسخت فبعضهم على أنها سبع نسخ، وآخرون على أنها اربع نسخ، ولكن اكثر العلماء على أن النسخ اربع وهو القول الصحيح، (¬4) وانه ـ كما نرى ـ متوافق مع الامصار التي شَهُرت قراءاتها كالبصرتين والشام والحجاز.
وقد اختلف فيما قيل انه قد سقط من القرآن الكريم في جمعه مدوناً، فهناك من يقول ان السقط كان في الجمع الأول وقد سقط منه آخر سورة براءة، قوله (- سبحانه وتعالى -) {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ} (¬5)، وقيل السقط من الجمع الثاني، والذي سقط ذكر من الاحزاب في قوله (- سبحانه وتعالى -): {مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}، (¬6) وقيل إن زيداً قد وجد ما سقط من الجمع الأول عند أبي خزيمة الانصاري، والاول هو قول البخاري (ت 206هـ
¬__________
(¬1) ينظر: الصاحبي: 58، مقدمتان: 272، الاتقان: 1/ 224، اللسان: 12/ 444 (غمم)، وهي عنده في قضائه، كشف الاسرار: 407، التاج: 9/ 6 (غمم) وهي عنده في قريش، المفصل، د. جواد علي: 8/ 605 - 606، تاريخ القرآن للزنجاني: 42.
(¬2) ينظر: المصاحف: 19،26، 27، 30، الابانة: 28،68، مقدمتان: 19،24،25،28،30، 45، 46، 78، 272، 274، مذاهب التفسير الاسلامي: 20، القرطبي: 20/ 139، البحر: 1/ 514، كشف الاسرار: 407.
(¬3) ينظر: المصاحف: 19، مقدمتان: 46، القرطبي: 1/ 52، كشف الاسرار: 407.
(¬4) ينظر: الابانة: 29، كشف الاسرار: 407 - 408، الاتحاف: 5 - 6.
(¬5) الآية: 128.
(¬6) الآية: 23.