وقد أقرّ أبو حيان (ت 754هـ) ان كلام الله أفصح كلام فينبغي حمله على الافصح من وجوه الاعراب لا ان يُحمل محمل شعر أمرئ القيس أو الاعشى ... (ت 7هـ)، (¬2) لان مكانة النص القرآني لا تماثلها مكانة أي نص كان، لذلك فالاولى به حمله على الوجوه النحوية البينة المظهرة لفصاحته وبلاغته والابتعاد به عن تخريجات النصوص الادنى شأناً.
وقد خولفت الاقوال السابقة جملة وتفصيلاً، فقد ذهب جمع من المستشرقين الى أن لغة قريش لم تعرف اعراباً، وان القرآن المنزل بها كذلك غير معرب، وان الشعراء هم واضعو النحو، فلما دونت العربية طبقت الاحكام النحوية على القرآن نصه، وفي المنحى عينه يتبع الدكتور ابراهيم أنيس، فيرى ان الاعراب صناعة النحويين، وان العربية لم تعرفه، وانهم ـ النحويين ـ قد فرضوه، فالتزم به في الشعر وفي النص القرآني، (¬3) وفي الحقيقة ان كثيراً من المسلمات الثابتة تنفي هذه الاراء، وذلك ان معرفة العرب بالاعراب معرفة قديمة زمنها قبل الاسلام، وقول الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) لرجل قد أخطأ: (آرشدوا أخاكم فقد ضلّ) (¬4) دليل على ثبوت الاعراب، كما ان ثبوت آيات لايمكن تخريجها الا على وجه إعرابي واحد دليل مبين حقيقة الإعراب في القرآن الكريم وغيره، فقوله (- سبحانه وتعالى -) {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (¬5) وقوله {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} (¬6)، و {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى} (¬7)، كما ان
¬__________
(¬1) ينظر: مقدمتان: 260، القرطبي: 1/ 24.
(¬2) ينظر: البحر: 1/ 159.
(¬3) ينظر: مذاهب التفسير الإسلامي: 8 - 9، المفصل، د. جواد: 8/ 548، 627، في اللهجات العربية، د. ابراهيم انيس: 74.، اللهجات العربية في القراءات القرآنية: 227، من الدراسات القرآنية، د. مكرم: 87 - 88.
(¬4) ينظر: المستدرك على الصحيحين: 2/ 477، رقمه (3643).
(¬5) فاطر: 28.
(¬6) البقرة: 124.
(¬7) النساء: 8.