وقد ذهب الفخر (ت 606هـ) إلى ان مابين الدفتين كلام الله فلا يجوز أن يكون لحناً أو غلطاً، (¬2) وقد ذهب السيوطي إلى استبعاد اللحن فيما رُوي عن عثمان وعائشة وغيرهما، واحتج بامور عقلية ومنطقية منها ان الصحابة (- رضي الله عنه -) فصحاء لُدُّ، والقرآن الكريم منزه عن الخطأ واللحن، وانه محفوظ متقن سماعاً وتدويناً، كما ان استحالة اجماع الصحابة (- رضي الله عنه -) على خطأ وكتابته وعدم رجوعهم عنه أمر غير متيقن، ولا يمكن استمرار القراءة على خطأ وهي قراءة متواترة، كما شكك بعضهم في صحة الاقوال المنسوبة إلى عثمان (- رضي الله عنه -)، وحملت الاقوال الأخرى ـ قول عائشة وابن جبير (ت 32هـ) ـ على احرف اخرى او لهجة اخرى، (¬3) وفي الحقيقة ان اللحن قد لمسه الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) في حياته لأنه رسول البشرية جمعاء فقدِم أبناءُ الأمم المختلفة لقراءة كتاب الله وتعلمه وفقهُهم بالعربية ضعيف فكان لابد من أن يقع ذلك وشاهده ان أبياً بن كعب كان يعلم فارسياً القرآن، فأتى الى قوله تعالى {طعامُ الأثيمِ} (¬4) فقال الفارسي " طعام اليتيم " فمرّ بهما الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) فسمع ذلك، وقال (- صلى الله عليه وسلم -)؛ (طعام الظالم) وقال لأبي؛ (قوم لسانه وعلمه فانك مأجور فإن الذي أنزله لم يلحن فيه ولا الذي نزل به، ولا الذي أنزل عليه وانه قرآن عربي مبين)، (¬5) وقد أُثِر امر مشابه لذلك عن ابن مسعود وأبي الدرداء (ت 32هـ)، وكان ردهما على المتعلم، قل؛ " طعام الفاجر " (¬6) بل ان الجحدري ـ عاصماً (ت 128هـ) ـ كان يقرأ الاحرف الاربعة، (¬7) التي قيل انها من خطأ الكتّاب في الكتاب خلافاً للمكتوب، وقيل عنه انه قد أخذ بقول عثمان (- رضي الله عنه -) ان العرب
¬__________
(¬1) ينظر: الدر: 4/ 155.
(¬2) ينظر: الفخر: 6/ 69، نظرية النحو القرآني: 58.
(¬3) ينظر: طبقات اللغويين والنحويين للزبيدي:221، مجمع البيان: 5/ 290، مقدمتان: 104 - 105، 115، المزهر: 2/ 397، رسم المصحف، د. شلبي: 113، القرآن الكريم وأثره، الباقوري: 75 - 77، القرآن الكريم وأثره، د. مكرم: 17، أثر \القرآن والقراءات: 71.
(¬4) الدخان: 44.
(¬5) ينظر: مقدمتان: 229 - 230.
(¬6) ينظر: الفردوس بمأثور الخطاب: 5/ 412، رقمه (8576)، مقدمتان: 229 - 230.
(¬7) هي {والصابرين} البقرة: 177، {والمقيمين الصلاة}، النساء: 162، {والصابئون} المائدة: 69، و {ان هذان} طه: 63.