ومن أسمى الأخلاق: أن يُقابَل التكافل بعفَّة نفس المحتاج؛ كما فعل عبدالرحمن بن عوف؛ حين رفض تقاسم المال والزوجتين مع الأنصاري، وقال له: (بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟) (¬2)، وطلب أن يدُلَّه على السوق ليعمل بيديه، ويعتمد على نفسه، بل كانت ظاهرة عامَّة بعد خيبر، لما استغنى المهاجرون؛ إذ ردُّوا إلى الأنصار ما كانوا أكرموهم به، فقد ورد أنه: (لما فرغ من قتال أهل خيبر، فانصرف إلى المدينة، ردَّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم من ثمارهم ..) (¬3).
وإن مجتمعًا يشيع فيه التكافل، لهو المجتمع المتماسك الذي يستطيع أن يجاهد في سبيل الله صفًّا، كأنه بنيان مرصوص، بينما تجد مجتمع الأنانية والبخل متصدعًا من الداخل، تأكله العداوات والأحقاد
¬_________
(¬1) مسند أحمد 3/ 137. والآية من سورة الحجرات/2.
(¬2) صحيح البخاري - كتاب مناقب الأنصار - باب 3 - الحديثان 3780/ 3781 (الفتح 7/ 112).
(¬3) صحيح البخاري - كتاب الهبة - باب 35 - الحديث 2630 (الفتح 5/ 242).