ويؤكد الصاوي في حاشيته على الجلالين هذا المعنى فيقول: (من مكان الأخلاق التجاوز والحلم عند حصول الغرض، ولكن يشترط أن يكون الحلم غير مخل بالمروءة)، وأما إذا انتهكت حرمات الله (فالواجب حينئذٍ الغضب لا الحلم، وعليه قول الشافعي: مَن استُغضِب فلم يغضب فهو حمار، وقال الشاعر: وحلم الفتى في غير موضعه جهل) (¬2).
وفي تفسير قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ...} [النساء: 148].
نقل القرطبي في تفسير الآية على قراءة مَن قرأ {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} قول أبي إسحاق الزجاج: (يجوز أن يكن المعنى: إلا مَن ظلم، فقال سوءًا فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه) وعلق القرطبي قائلًا:
" قلت: ويدل على هذا أحاديث منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا على أيدي سفهائكم» (¬3).
وقوله: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالمًا؟ قال «تكفُّه عن الظلم» (¬4) " (¬5).
وفي حديث طويل تنتدب نساءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - السيدةَ زينب رضي
¬_________
(¬1) قول مالك وتعليله من تفسير القرطبي 16/ 42 - 43.
(¬2) عن صفوة التفاسير 3/ 143 (الصاوي 4/ 40 عند تفسير الآية 39 من سورة الشورى).
(¬3) استشهد به القرطبي وهو في ضعيف الجامع برقم 2819 (ضعيف).
(¬4) رواه البخاري في كتاب المظالم - باب 4 - الحديث 2444 (فتح الباري 5/ 98).
(¬5) تفسير القرطبي 6/ 4.